حكم من شك في خروج الريح منه أثناء الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السؤال :
كنت أصلي العصر في جماعة ، وكنت أمسك نفسي عن خروج الريح مني عن
طريق العضلات ؛ حتى لا ينفلت الريح مني . وبعد ثواني قليلة توقف ضغط الغاز
عنى ، وذهبنا للسجود ، ثم شعرت بشيء ما عند فتحة الشرج ، ولكني غير متأكد
هل كان ريح حقيقي ، فلم أسمع أو أشم شيئا ، لذا فقد تذكرت القاعدة التي
تقول : بأن اليقين لا يزول بالشك ، وانتهينا من الصلاة .
ولكني لا أعلم هل فعلت الصواب أم لا ؟؛ لأن الغاز ضغط
عليَّ لثوان قليلة قبل الحدث . فهل علي إعادة الصلاة ؟
لماذا أشعر أنني أصلي بدون وضوء ، كل مرة أفكر في القاعدة في مدافعة الأخبثين ؟
هل يجوز لنا استخدام هذه القاعدة في الوساوس في كل شيء في الشريعة ، أم إنها خاصة بالطهارة والصلاة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة مع مدافعة الحدث ، والانشغال بإمساكه عن الخروج .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ
الطَّعَامِ ، وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ ) رواه مسلم ( 560 ) .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح مسلم ( 5/ 46) :
" فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث كَرَاهَة الصَّلَاة بِحَضْرَةِ
الطَّعَام الَّذِي يُرِيد أَكْله ، لِمَا فِيهِ مِنْ اِشْتِغَال الْقَلْب
بِهِ ، وَذَهَاب كَمَالِ الْخُشُوع ، وَكَرَاهَتهَا مَعَ مُدَافَعَة
الْأَخْبَثِينَ وَهُمَا : الْبَوْل وَالْغَائِط " انتهى .
لكن هذه الكراهة خاصة بحالة
الدخول إلى الصلاة وهو يدافع الأخبثين ، أما من دخل إلى الصلاة وهو لا
يشعر بمدافعة الغائط أو البول وإنما شعر بذلك وهو في وسط الصلاة فلا كراهة
حينئذٍ إذا لم تمنعه من إتمام صلاته .
سُئِلت اللجنة الدائمة للبحوث
العلمية والإفتاء : في بعض الأحيان يدافعني الغائط قبل الصلاة وأصلي ولكن
لا يدافعني أثناء الصلاة فهل تقبل صلاتي؟ وفي بعض الأحيان يجري العكس
فهل تقبل صلاتي؟
فأجابت اللّجنة :
" لا يجوز للمصلي
أن يدخل في الصلاة وهو يدافع الغائط أو البول لقول النبي -صلى الله عليه
وسلم-: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان)
أخرجه مسلم في صحيحه، والحكمة في ذلك والله أعلم أن ذلك يمنع الخشوع في
الصلاة ، لكن لو صلى وهو كذلك فإن صلاته صحيحة لكنها ناقصة غير كاملة
للحديث المذكور ولا إعادة عليه ، وأما إذا دخلت في الصلاة وأنت غير مدافع
للأخبثين وإنما حصلت المدافعة أثناء الصلاة فإن الصلاة صحيحة ولا كراهة
إذا لم تمنعك هذه المدافعة من إتمام الصلاة " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 7 / 25 - 26 ) .
وينظر جواب السؤال رقم : (159503) .
ثانيا :
من شك في خروج الريح منه : لا
ينتقِض وضوؤه بمجرد هذا الشك ، بل عليه الاستمرار في صلاته ، وصلاته في
هذه الحالة صحيحة ، ولا إعادة عليه إلا إذا تيقن خروج الحدث منه .
روى البخاري ( 137 ) ، ومسلم ( 361 ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ
المُسَيِّبِ ، وَعَن عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ : " أَنَّهُ شَكَا
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ
الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاَةِ ،
فَقَالَ: ( لاَ يَنْفَتِلُ- أَوْ لاَ يَنْصَرِفُ- حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا ،
أَوْ يَجِدَ رِيحًا ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ
شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ ، أَخَرَجَ مِنْهُ شيء أَمْ لاَ . فَلاَ
يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا )
رواه مسلم ( 362 ) .
وللفائدة طالعوا الفتوى رقم : (114793) .
لكن يجب التنبّه إلى أنّ المقصود بسماع الصوت ، وشم
الرائحة : الإشارة إلى التيقّن من حصول الحدث وناقض الوضوء ، أيا كان ذلك
الناقض .
قال الحافظ ابن حجر : " ودل حديث الباب على صحة الصلاة ما لم يتيقن الحدث ، وليس المراد تخصيص هذين الأمرين – أي الشم والسماع - باليقين " .
انتهى من " فتح الباري بشرح صحيح البخاري " ( 1/ 238 ) .
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 5 / 255 ) :
" سؤال : هل كل ما يطلع من الإنسان من
رائحة مبطلة (أنا أعرف أنها مبطلة) ، لكن السؤال : متى تكون مبطلة ، أي هل
هي مبطلة عند الصوت والشم والحس معا ، أم عند الصوت والشم ولا يدخل معها
الإحساس ؟
أرجو أن تبينوا لي هذه المسألة وفقك الله تعالى ، لأن الأمر اختلط علي.
الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد:
أن ما ذكرته من نواقض الوضوء : إذا تيقن على أنه خرج منه شيء ،
بسماع صوت أو وجود رائحة ، أو غير ذلك مما يحصل به تيقن خروج الحدث ، لقول
النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة قال :
« لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا » متفق على صحته " انتهى .
ثالثا :
هذه القاعدة – اليقين لا يزول بالشك – هي قاعدة عامّة ، وليست خاصة بالطهارة والصلاة .
قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى - :
" وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام ، وقاعدة عظيمة من قواعد
الفقه ، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك ، ولا
يضر الشك الطارئ عليها ، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث ، وهي
أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة ، ولا فرق بين
حصول هذا الشك في نفس الصلاة ، وحصوله خارج الصلاة ؛ هذا مذهبنا ومذهب
جماهير العلماء من السلف والخلف ...
ومن مسائل القاعدة المذكورة : أن من شك في
طلاق زوجته ، أو عتق عبده ، أو نجاسة الماء الطاهر ، أو طهارة النجس ، أو
نجاسة الثوب أو الطعام أو غيره ، أو أنه صلى ثلاث ركعات أو أربعا ، أو أنه
ركع وسجد أم لا ، أو أنه نوى الصوم أو الصلاة أو الوضوء أو الاعتكاف ،
وهو في أثناء هذه العبادات ، وما أشبه هذه الأمثلة : فكل هذه الشكوك لا
تأثير لها ، والأصل عدم هذا الحادث .
وقد استثنى العلماء مسائل من هذه
القاعدة ، وهي معروفة في كتب الفقه لا يتسع هذا الكتاب لبسطها ، فإنها
منتشرة ، وعليها اعتراضات ، ولها أجوبة ، ومنها مختلف فيه " .
انتهى من " شرح صحيح مسلم للنووي " ( 4 / 49 - 50 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - :
" وهذه - أعني البناءَ على اليقين وطرحَ
الشَّكِّ - : قاعدة مهمَّة ، دَلَّ عليها قولُ النبيِّ صلّى الله عليه
وسلّم: « إِذا شَكَّ أحدكم في صلاته فليطرح الشَّكَّ وليَبْنِ على ما
استيقن » ، ولها فروع كثيرة جدًّا في الطلاق والعقود وغيرهما من أبواب
الفقه ، فمتى أخذ بها الإنسان انحلَّت عنه إشكالات كثيرة ، وزال عنه كثير
من الوَساوس والشُّكوك ، وهذا من بَرَكَةِ كلام النبيِّ صلّى الله عليه
وسلّم وحكمه.
وهو أيضاً من يُسْرِ الإِسلام وأنه لا يريد من المسلمين الوُقوعَ
في القلق والحيرة ؛ بل يريد أن تكون أمورهم واضحة جليَّة ، ولو استسلم
الإِنسان لمثل هذه الشُّكوك لتنغَّصت عليه حياته ؛ لأنَّ الشيطان لن يقف
بهذه الوساوس والشكوك عند أمور الطَّهارة فقط ، بل يأتيه في أمور الصَّلاة
والصِّيام وغيرهما ، بل في كلِّ أمور حياته ؛ حتى مع أهله ، فَقَطَعَ
الشَّارع هذه الوساوس من أصلها ، وأمر بتركها ، بل ودفعها حتى لا يكون لها
أَثَرٌ على النفس " .
انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 1/ 312 ) .
والله أعلم .
الاسلام سؤال وجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السؤال :
كنت أصلي العصر في جماعة ، وكنت أمسك نفسي عن خروج الريح مني عن
طريق العضلات ؛ حتى لا ينفلت الريح مني . وبعد ثواني قليلة توقف ضغط الغاز
عنى ، وذهبنا للسجود ، ثم شعرت بشيء ما عند فتحة الشرج ، ولكني غير متأكد
هل كان ريح حقيقي ، فلم أسمع أو أشم شيئا ، لذا فقد تذكرت القاعدة التي
تقول : بأن اليقين لا يزول بالشك ، وانتهينا من الصلاة .
ولكني لا أعلم هل فعلت الصواب أم لا ؟؛ لأن الغاز ضغط
عليَّ لثوان قليلة قبل الحدث . فهل علي إعادة الصلاة ؟
لماذا أشعر أنني أصلي بدون وضوء ، كل مرة أفكر في القاعدة في مدافعة الأخبثين ؟
هل يجوز لنا استخدام هذه القاعدة في الوساوس في كل شيء في الشريعة ، أم إنها خاصة بالطهارة والصلاة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة مع مدافعة الحدث ، والانشغال بإمساكه عن الخروج .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ
الطَّعَامِ ، وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ ) رواه مسلم ( 560 ) .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح مسلم ( 5/ 46) :
" فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث كَرَاهَة الصَّلَاة بِحَضْرَةِ
الطَّعَام الَّذِي يُرِيد أَكْله ، لِمَا فِيهِ مِنْ اِشْتِغَال الْقَلْب
بِهِ ، وَذَهَاب كَمَالِ الْخُشُوع ، وَكَرَاهَتهَا مَعَ مُدَافَعَة
الْأَخْبَثِينَ وَهُمَا : الْبَوْل وَالْغَائِط " انتهى .
لكن هذه الكراهة خاصة بحالة
الدخول إلى الصلاة وهو يدافع الأخبثين ، أما من دخل إلى الصلاة وهو لا
يشعر بمدافعة الغائط أو البول وإنما شعر بذلك وهو في وسط الصلاة فلا كراهة
حينئذٍ إذا لم تمنعه من إتمام صلاته .
سُئِلت اللجنة الدائمة للبحوث
العلمية والإفتاء : في بعض الأحيان يدافعني الغائط قبل الصلاة وأصلي ولكن
لا يدافعني أثناء الصلاة فهل تقبل صلاتي؟ وفي بعض الأحيان يجري العكس
فهل تقبل صلاتي؟
فأجابت اللّجنة :
" لا يجوز للمصلي
أن يدخل في الصلاة وهو يدافع الغائط أو البول لقول النبي -صلى الله عليه
وسلم-: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان)
أخرجه مسلم في صحيحه، والحكمة في ذلك والله أعلم أن ذلك يمنع الخشوع في
الصلاة ، لكن لو صلى وهو كذلك فإن صلاته صحيحة لكنها ناقصة غير كاملة
للحديث المذكور ولا إعادة عليه ، وأما إذا دخلت في الصلاة وأنت غير مدافع
للأخبثين وإنما حصلت المدافعة أثناء الصلاة فإن الصلاة صحيحة ولا كراهة
إذا لم تمنعك هذه المدافعة من إتمام الصلاة " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 7 / 25 - 26 ) .
وينظر جواب السؤال رقم : (159503) .
ثانيا :
من شك في خروج الريح منه : لا
ينتقِض وضوؤه بمجرد هذا الشك ، بل عليه الاستمرار في صلاته ، وصلاته في
هذه الحالة صحيحة ، ولا إعادة عليه إلا إذا تيقن خروج الحدث منه .
روى البخاري ( 137 ) ، ومسلم ( 361 ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ
المُسَيِّبِ ، وَعَن عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ : " أَنَّهُ شَكَا
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ
الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاَةِ ،
فَقَالَ: ( لاَ يَنْفَتِلُ- أَوْ لاَ يَنْصَرِفُ- حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا ،
أَوْ يَجِدَ رِيحًا ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ
شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ ، أَخَرَجَ مِنْهُ شيء أَمْ لاَ . فَلاَ
يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا )
رواه مسلم ( 362 ) .
وللفائدة طالعوا الفتوى رقم : (114793) .
لكن يجب التنبّه إلى أنّ المقصود بسماع الصوت ، وشم
الرائحة : الإشارة إلى التيقّن من حصول الحدث وناقض الوضوء ، أيا كان ذلك
الناقض .
قال الحافظ ابن حجر : " ودل حديث الباب على صحة الصلاة ما لم يتيقن الحدث ، وليس المراد تخصيص هذين الأمرين – أي الشم والسماع - باليقين " .
انتهى من " فتح الباري بشرح صحيح البخاري " ( 1/ 238 ) .
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 5 / 255 ) :
" سؤال : هل كل ما يطلع من الإنسان من
رائحة مبطلة (أنا أعرف أنها مبطلة) ، لكن السؤال : متى تكون مبطلة ، أي هل
هي مبطلة عند الصوت والشم والحس معا ، أم عند الصوت والشم ولا يدخل معها
الإحساس ؟
أرجو أن تبينوا لي هذه المسألة وفقك الله تعالى ، لأن الأمر اختلط علي.
الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد:
أن ما ذكرته من نواقض الوضوء : إذا تيقن على أنه خرج منه شيء ،
بسماع صوت أو وجود رائحة ، أو غير ذلك مما يحصل به تيقن خروج الحدث ، لقول
النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة قال :
« لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا » متفق على صحته " انتهى .
ثالثا :
هذه القاعدة – اليقين لا يزول بالشك – هي قاعدة عامّة ، وليست خاصة بالطهارة والصلاة .
قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى - :
" وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام ، وقاعدة عظيمة من قواعد
الفقه ، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك ، ولا
يضر الشك الطارئ عليها ، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث ، وهي
أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة ، ولا فرق بين
حصول هذا الشك في نفس الصلاة ، وحصوله خارج الصلاة ؛ هذا مذهبنا ومذهب
جماهير العلماء من السلف والخلف ...
ومن مسائل القاعدة المذكورة : أن من شك في
طلاق زوجته ، أو عتق عبده ، أو نجاسة الماء الطاهر ، أو طهارة النجس ، أو
نجاسة الثوب أو الطعام أو غيره ، أو أنه صلى ثلاث ركعات أو أربعا ، أو أنه
ركع وسجد أم لا ، أو أنه نوى الصوم أو الصلاة أو الوضوء أو الاعتكاف ،
وهو في أثناء هذه العبادات ، وما أشبه هذه الأمثلة : فكل هذه الشكوك لا
تأثير لها ، والأصل عدم هذا الحادث .
وقد استثنى العلماء مسائل من هذه
القاعدة ، وهي معروفة في كتب الفقه لا يتسع هذا الكتاب لبسطها ، فإنها
منتشرة ، وعليها اعتراضات ، ولها أجوبة ، ومنها مختلف فيه " .
انتهى من " شرح صحيح مسلم للنووي " ( 4 / 49 - 50 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - :
" وهذه - أعني البناءَ على اليقين وطرحَ
الشَّكِّ - : قاعدة مهمَّة ، دَلَّ عليها قولُ النبيِّ صلّى الله عليه
وسلّم: « إِذا شَكَّ أحدكم في صلاته فليطرح الشَّكَّ وليَبْنِ على ما
استيقن » ، ولها فروع كثيرة جدًّا في الطلاق والعقود وغيرهما من أبواب
الفقه ، فمتى أخذ بها الإنسان انحلَّت عنه إشكالات كثيرة ، وزال عنه كثير
من الوَساوس والشُّكوك ، وهذا من بَرَكَةِ كلام النبيِّ صلّى الله عليه
وسلّم وحكمه.
وهو أيضاً من يُسْرِ الإِسلام وأنه لا يريد من المسلمين الوُقوعَ
في القلق والحيرة ؛ بل يريد أن تكون أمورهم واضحة جليَّة ، ولو استسلم
الإِنسان لمثل هذه الشُّكوك لتنغَّصت عليه حياته ؛ لأنَّ الشيطان لن يقف
بهذه الوساوس والشكوك عند أمور الطَّهارة فقط ، بل يأتيه في أمور الصَّلاة
والصِّيام وغيرهما ، بل في كلِّ أمور حياته ؛ حتى مع أهله ، فَقَطَعَ
الشَّارع هذه الوساوس من أصلها ، وأمر بتركها ، بل ودفعها حتى لا يكون لها
أَثَرٌ على النفس " .
انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 1/ 312 ) .
والله أعلم .
الاسلام سؤال وجواب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق