هل تشعرين أحياناً بالذنب لأنك كنت قدوة سيئة لطفلك فى موقف معين؟ أحياناً نقول أشياء أمام أطفالنا دون قصد ولا ندرى أن الأطفال مثل الإسفنج يمتصون الكثير مما يسمعون ويشاهدون حولهم. أحياناً نتفوه ببعض الكلام الغير لائق، أو نكذب كذبة بحسن نية، أو نتكلم عن أحد، أو حتى نسخر من شخص ما أمام أطفالنا. المشكلة أننا بمجرد أن نتفوه بالكلمة أو الملحوظة الغير لائقة، لا نستطيع أن نلغيها أو نمحوها من ذاكرة الطفل لأننا كما نعلم جميعاً أن الأطفال يخزنون كل شئ فى عقولهم، وعلى غير ما نتوقع يفاجئوننا بهذه الأشياء. إليكما بعض الأشياء التى يجب أن تتجنباها أمام أطفالكما.
المشاجرات الزوجية
لا تتشاجرا أمام طفلكما. تخيلا مشاعر طفلكما وهو يرى أمه وأباه – اللذين يحبهما الاثنين حباً شديداً – وهما يرفعان صوتيهما ويستخدمان كلمات تنم عن الغضب أو اللوم. تقول د. أميرة حنا – الطبيبة النفسية وأخصائية الأسرة: “بمرور الوقت قد يشعر طفلكما باللوم تجاه نفسه وقد يشعر بأنه يجب أن ينحاز لأحد الطرفين وغالباً سينتابه شعور بعدم الأمان. إن رؤية الطفل لعنف الأبوين تجاه بعضهما البعض سواء كان عنف لفظى أو بدنى أمر جارح للطفل فى كل الأعمار وغالباً ما لا يستطيع الطفل بعدها أن يعود لنفس علاقة الحب التى كانت تربطه بوالديه.” أحياناً مجرد نبرة الشجار يمكن أن تخيف الطفل. نحن كأمهات وآباء يجب أن نحاول التحكم فى مشاعرنا، وإذا لم نستطع، يجب أن ننهى الحوار إلى أن نستطيع تمالك أنفسنا. إذا حدث وفقدتما السيطرة على أعصابكما وحدثت المشاجرة أمام طفلكما، احرصا على أن تشركا طفلكما فى مرحلة الاعتذار وأن تظهرا له ندمكما على سلوككما الغير ناضج. اشرحا له أنكما تحبان وتحترمان بعضكما البعض لأن طفلكما بالتالى سيحترمكما لاعترافكما بالخطأ وسيشعر مرة أخرى بالاطمئنان إلى أن والديه لا يكرهان بعضهما البعض.
الطلاق
لا يجب أن يستغل الطفل من جانب أبويه!
· لا تستخدما طفلكما كوسيط بينكما. تحدثا معاً بشكل مباشر أو تواصلا عن طريق الكتابة.
· لا يجب أن يسأل أى طرف منكما الطفل عما يحدث فى بيت الطرف الآخر.
· لا تتوقعا أو تطلبا من الطفل أن ينحاز لأحدكما.
· لا يجب أن يمنع الطفل من رؤية أحد والديه، فلا يجب أن يستخدم أى طرف الطفل كسلاح ضد الطرف الآخر.
عندما يقع الطلاق، للأسف لا يتعلق الأمر فقط بالزوجين المنفصلين. تقول د. أميرة أنه يتم التأكيد دائماً على أن الزوجين المنفصلين لا يجب أن يتحدثا بطريقة غير لائقة عن بعضهما البعض خاصةً أمام الطفل، ولكننا غالباً ما لا نضع فى الاعتبار أفراد عائلتى الزوجين المنفصلين مثل الأجداد، الخالات، العمات، الأخوال، والأعمام حيث يجب أن يراعوا عدم ذكر أى تعليقات سلبية عن الموقف أو الشخص على مسمع من الطفل. يجب أن تتذكرا دائماً أن الطفل يرى أنه نصف كل منكما، فعندما يسمع شيئاً سيئاً عن أحدكما، فكأنه يسمع شيئاً سيئاً عن نصفه، وعندما يسمع أشياء سيئة عن كلا أبويه فسيشعر أن كلا نصفيه لا يساويان شيئاً. تقول د. أميرة: “هذا قد يصيب الطفل بالاكتئاب، التبول أثناء النوم – بعد أن يكون الطفل قد توقف عن ذلك، و/أو قد يؤثر سلبياً على أدائه الدراسى والاجتماعى.”
السخرية من الآخرين
لا تسخرا من الآخرين. إذا قلت لصديقتك: “انظرى إلى هذا الطفل البدين أو هذه السيدة المضحكة وبدأت فى الضحك، سيتصور طفلك أن هذا السلوك مقبول. إذا علق طفلك بعد ذلك أمام الآخرين تعليقاً سيئاً أو محرجاً عن شخص ما وشعرت بحرج مما فعله طفلك، يجب أن تتذكرى أن طفلك لم يتعلم ذلك إلا منك أنت. تنصح د. أميرة قائلة: “يتعلم الطفل التقليد أو التقمص فى سن مبكرة لذا فإظهار المبادئ الأخلاقية الحميدة أمامه أمر ضرورى.”
النميمة
إذا تحدثت عن أى شخص بطريقة سلبية فى غير وجوده، سيأخذ منك طفلك هذه العادة. قد تعتقدين أن طفلك مشغول بمشاهدة التليفزيون أو اللعب مع أصدقائه بينما فى الواقع هو يستمع إليك ويتعلم منك هذا السلوك، وتأثيرك عليه فى هذه الحالة سيكون بلا شك سلبياً. كما يقال: “إذا لم تجد شيئاً طيباً تقوله عن شخص ما، فمن الأفضل ألا تقول شيئاً.”
“كذبة بيضاء صغيرة”
يرن جرس التليفون فتقولين لطفلك أن يخبر المتحدث بأنك لست بالمنزل أو أنك فى الحمام. رغم أنك لم تقصدى أى ضرر بلجوئك لهذه الكذبة إلا أنك قد علمت طفلك أن الكذب أحياناً يكون مقبولاً لأن أباه أو أمه – النموذجين الذى يقتدى بهما – أحياناً يفعلان ذلك. تقول د. أميرة: “الكذب هو الكذب. بمجرد أن تبدئا فى الكذب أمام طفلكما، غالباً سيبدأ فى فقد الثقة بكما.” فى المرة القادمة احذرا من الوقوع فى هذا الخطأ وقولا ببساطة لمن يرد على التليفون أن يبلغ المتحدث بأنكما لن تستطيعا التحدث فى ذلك الوقت.
الألفاظ الغير لائقة
بمجرد أن تتفوهى بلفظ غير لائق، لن تستطيعى إلغاءه مرة أخرى وغالباً ما سيختزنه طفلك ويستمر فى تكراره. تقول د. أميرة: “هذه النوعية من الألفاظ أو الكلمات من السهل تعلمها ومن الصعب نسيانها.” لكن هناك 3 أشياء يمكنك القيام بها إذا ما بدأ طفلك فى استخدام هذه النوعية من الألفاظ.
أولاً: ببساطة تجاهليها. شجعى طفلك على استخدام لفظ طيب بدلاً من اللفظ السيئ الذى تعلمه على أمل أن ينسى اللفظ السيئ فى أقرب وقت ممكن، والنسيان يكون أسهل كلما كان عمر الطفل أصغر. وتجاهل الكلمة التى قالها الطفل يعنى ألا تظهرى صدمتك أو انزعاجك مما قال وبالطبع لا تبتسمى أو تظهرى له أن ما قاله شئ يثير الضحك. كلما أعطيت اهتماماً أكبر بالألفاظ الغير لائقة التى يستخدمها طفلك، كلما كررها أكثر.
ثانياً: واجهى الموقف. إذا فشلت الطريقة الأولى واستمر طفلك فى استخدام نفس الألفاظ السيئة مسبباً لك حرجاً أمام الآخرين، سيكون عليك أن تجلسى مع طفلك وتعرفيه لماذا لا يجب أن يقول هذه الألفاظ وتطلبى منه أن يتوقف عن قولها.
ثالثاً: إذا لم تنجح الطريقتان السابقتان، لن يتبقى إلا أسلوب العقاب لأن الأمر أصبح يتعلق بتربية طفلك. لكن لا يجب فى أى حال من الأحوال أن يكون العقاب بدنياً بل يجب استخدام طرق العقاب المناسبة لسنه واحتياجاته النفسية. على سبيل المثال طريقة الوقت المستقطع أو أسلوب حرمانه من شئ يحبه لبعض الوقت.
الإعلام
لا يجب أبداً أن تشاهدا برامج التليفزيون والأغانى المصورة التى تعرض مشاهداً غير لائقة أو تستخدم ألفاظاً غير مناسبة، أو حتى تستمتعا إلى أغانى تستخدم كلمات هابطة فى وجود طفلكما. نفس الشئ ينطبق على مشاهد الحروب والإرهاب التى قد تحزن طفلكما وتتسبب فى شعوره بالقلق وعدم الأمان. تقول د. أميرة: “إن ضبط هذه الأمور من جانب الوالدين أمر هام للغاية لأن الطفل غالباً ما يتأثر بشدة بما يشاهده من برامج أو أفلام أو أغانى.” قومى بتغيير المحطة التى ترين أن ما يعرض بها غير مقبول. إذا حدث وشاهد طفلك بالمصادفة شيئاً غير مناسب، اغلقى التليفزيون واسألى طفلك عن رأيه فيما شاهده وعن شعوره تجاه ما رآه. بشكل عام، أعطى لطفلك فرصة ليتحدث عما رأى وناقشيه معه مستخدمة كلمات ومصطلحات بسيطة يسهل عليه فهمها.
الأمومة والأبوة ليسا بالمهمة السهلة. تقول د. أميرة: “يجب أن نضع دائماً فى اعتبارنا أننا القدوة لأطفالنا. نحن نساعدهم على تكوين ضمائرهم وبالتالى إرساء مبادئهم الأخلاقية.” إذا وضعنا هذا دائماً فى الاعتبار سيجعلنا نتجنب الكثير من الأخطاء التى نقع فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق