السبت، 4 مايو 2013

مَنْ علمك يا صغيرتي ..الغرام ؟!

دعيتُ ﻷ‌شارك ضمن لجنة خاصة باختيار أجمل قصّة لﻸ‌طفال في مدينتي، ووقعت تحت يدي أوراقٌ غريبة، كتبتها أقﻼ‌مٌ طفوليّة، لكنها بﻼ‌ براءة، اختفت عنوة بين طيات اﻷ‌وراق الجميلة التي تحكي عن الخير والفرح والسﻼ‌م ..
كانت أوراقاً غراميّة، رسائلُ حب حقيقية منها إليه ، ومنه إليها ..
كتبت بﻼ‌ عنوان..!
ممن وإلى من وكيف صيغت ولماذا أتت ؟ لست أدري ..
كان اﻻ‌سم جميﻼ‌ً والعمرُ في قلب الطفولة، والكلماتُ مثلُ برعم مزّقوا أوراقه رغماً عنه ليغدو مثل زهرة مكتملة، لكنه خذلهم فبدا مشوهاً ..
ارتعدت يدي وتساءلتُ عن تلك الطفلة، وأطفال غيرها، وكم خطر لي أن أناديها وغيرها فأسألها..
من علّمكِ يا صغيرتي الغرام ؟
هل هي وسائلُ اﻹ‌عﻼ‌م التي قد أدمنتها، أم المسلسل اليومي الذي بدت فيه البطلة ساحرة الجمال عاشقة ﻷ‌قصى الحدود .. وبﻼ‌ قيود ؟!
من لقّنكِ كلماتُ الحبّ؟ هذه التي انطلق بها لسانكِ أول ما طُلب منكِ أن تكتبي ..
هل هي تلك اﻷ‌غنيات السافرة التي تصدحُ في أذنيكِ في البيت والحافلة وفي اﻷ‌سواق، حتى أصبحت شغفكِ الوحيد، وكنتِ يوماً قد استأتِ منها، ومن لحنها الفج، فمالي أراكِ تدندنينها في داخلك، تستحسنينها مثل قصيدة عذبة..
منوّمةٌ أنتِ مغناطيسياً بفعل موجة التفاهة التي هبّت على عالمنا، مسكينة أنتِ بﻼ‌ حول وﻻ‌ قوة ..
ﻻ‌ لستِ مذنبة أنتِ .. فأمكِ تفعلُ ذاتَ الشيء، إﻻ‌ أن أغنياتها أكبرُ من فهمكِ، ولعل فهمها قائمة حلمك ..
لما كنتِ صغيرة في الثالثة من عمركِ طلبوا منكِ أن تغنّي أغنية للجدة ..
فأول ما خطر لكِ ذلك " الفيديو كليب" الذي تتخذه أمكِ وسيلة ﻹ‌سكاتكِ .. كي تقوم بباقي أعمال المنزل دون إزعاجكِ، ولتتحدث في الهاتف طويﻼ‌ً، أو تقضي الوقت مع الجارة، فكنت تراقبين ذلك العالم الغريب، ويسحركِ بكل مؤثراته، ويداعبُ كل وجدانك ..
غنيتِ لهم بخجلٍ وتلعثم .. لما بدأتِ بالمقطع اﻷ‌ول صفقوا وأثنوا وقبلتكِ الجدة معجبة، يومها قالوا عنكِ نابغة .. لستِ تدرين !
لكن اﻷ‌مر أعجبكِ، فأصبحت موسوعة فن، كلما كبرتِ عاماً كلما ازددتِ معرفة، بثقافة التحطيم هذه ..
وها أنتِ اﻵ‌ن في الصّف الرابع اﻻ‌بتدائي، هواياتكِ الغناء والرقص والتمثيل ، وماذا أيضاً ؟ قولي لي ماذا تجيدين يا صغيرتي الجميلة ؟ أتحفظين أسماء أهل الفن وعنوانينهم؟ ألديك ألبوماً يضمُّ أجمل صورهم ..! أخبريني لم كان صعباً عليكِ أن تصوغي قصّة عن اﻷ‌خﻼ‌ق والفضائل .. أيّة قصّة !
ألم تسمعي عنها في حكايا جدتك، ألم يحدثكِ والدكِ بها، أما رأيتها في أمكِ القدوة ..!
أنت ذكية مبدعة سريعة الحفظ فهﻼ‌ حفظتِ آية، أو طهرتِ سمعكِ بآي القرآن، أو تعلمت حقيقة القدوة فسرتِ على خطى العدنان !
تعالي أطلعكِ على حبٍّ آخر لم تتذوقيه، تعالي أخبركِ معنى لم تتلمسيه، تعالى نجرب أن نكتب قصّة ، قصّة مأساة هذا الجيل، ولندعُ إلى حفل التكريم اﻵ‌باء، ولنسألهم عنكِ وعن جيلكِ، من حطمه دون أن يدري، ومن سيرممُ معنا بقايا الحطام ؟!.

*
مَنْ علَّمَكِ يا صغيرتي .. الغرام ؟!
نور الجندلي

منقول


ليست هناك تعليقات: