الجمعة، 19 أبريل 2013

هل ابن سينا كان ملحد؟

بسم الله الرحمن الرحيم
كان ابن سينا ، كما أخبر عن نفسه قال :
أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم – الحاكم منصور بن العزيز بالله نزار بن المعز بالله العبيدي الثالث من الخلفاء الكذبة الفجرة العبيديين المغاربة المتغلبين على مصر .

ادعى الألهية وقتل من العلماء ما لا يحصى . وكتب على المساجد والجوامع سب أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، ولعنه الله ولعن شيعته وحزبه . وهو الذي يعبده الدروز بلبنان والاسماعيلية بالهند – فكان من القرامطة الباطنية ، الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد ، ولا رب خالق ، ولا رسول مبعوث جاء من عند الله تعالى
. أ هـ
إغاثة اللهفان لابن القيم جـ 2 صـ 286 .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن عقيدة ابن سينا القرمطي : وابن سينا أحدث فلسفة ركبها من كلام سلفه اليونان , ومما أخذه من أهل الكلام المبتدعين الجهمية ونحوهم , وسلك طريق الملاحدة الإسماعيلية في كثير من أمورهم العلمية والعملية ومزجه بشي من كلام الصوفية , وحقيقته تعود إلى كلام إخوانه الإسماعيلية القرامطة الباطنية , فإن أهل بيته كانوا من الإسماعيلية : أتباع الحاكم الذي كان بمصر وكانوا في زمنه , ودينهم دين أصحاب رسائل إخوان الصفا وأمثالهم من أئمة منافقي الأمم , الذين ليسوا بمسلمين , ولا يهود ولا نصارى اهـــ مجموع الفتاوى 11/571

من المعلوم أن المجوس من أشد المحاربين للتوحيد وأهله ، وكتبهم تطفح بالطعن والسب لعلماء أهل السنة مثل ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فلماذا هذا الإهتمام بابن سيناء وعمل مزار وقبر له يطوفون حوله في إيران يزار من قبل المجوس طلاب الجامعات وغيره ، ويعتبرونه الفيلسوف الإسلامي** الذي يقتدى به ، و شكل ضريحه يضاهي قبر أبو لؤلؤة المجوسي من ضخامته وتزيينه وبجانب الضريح القسم الثاني وهي المكتبة لابن سيناء ( كتب الفلسفة والطب وغيره )؟

لا بد أن ابن سيناء هذا القرمطي الملحد على شاكلتهم وهو إمام لهم يقتدون به وإلآ لما لاقى هذا التكريم والحفاوة من قبلهم فلعنة الله على الزائر والمزار .




قال شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله تعالى :
( ولكن المتأخرون رتبوه على ذلك إما بطريق الصابئة الذين لبسوا الحنيفية بالصابئة كابن سينا ونحوه)
مجموع الفتاوى ج 9 - صـ 14


( والأقوال التي قالها المنتسبون إلى القبلة فى هذه المسألة تبلغ سبعة أو أكثر الأول قول المتفلسفة ومن وافقهم من متصوف ومتكلم كابن سينا وإبن عربي الطائي وابن سبعين وأمثالهم ممن يقول بقول الصابئة الذين يقولون إن كلام الله ليس له وجود خارج عن نفوس العباد بل هو ما يفيض على النفوس من المعاني أعلاما وطلبا إما من العقل الفعال كما يقوله كثير من المتفلسفة وأما مطلقا كما يقوله بعض متصوفة الفلاسفة وهذا قول الصابئة ونحوهم وهؤلاء يقولون الكلام الذي سمعه موسى لم يكن موجودا إلا في نفسه وصاحب مشكاة الأنوار وأمثاله في كلامه ما يضاهي كلام هؤلاء أحيانا وان كان أحيانا يكفرهم وهذا القول أبعد عن الإسلام ممن يقول القرآن مخلوق) .
مجموع الفتاوى ج 12 - صـ 163


( قول من يقول إن كلام الله ما يفيض على النفوس من المعاني التي تفيض إما من العقل الفعال عند بعضهم وإما من غيره وهذا قول الصابئة والمتفلسفة الموافقين لهم كابن سينا وأمثاله ومن دخل مع هؤلاء من متصوفة الفلاسفة ومتكلميهم كأصحاب وحدة الوجود وفي كلام صاحب الكتب المضنون بها على غير أهلها بل المضنون الكبير والمضنون الصغير ورسالة مشكاة الأنوار وأمثاله ما قد يشار به إلى هذا وهو في غير ذلك من كتبه يقول ضد هذا لكن كلامه يوافق هؤلاء تارة وتارة يخالفه وآخر أمره استقر على مخالفتهم ومطالعة الأحاديث النبوية )
منهاج السنة النبوية ج 2 - صـ 359



قال الشاطبي:
( وأيضا فإن بعض الفلاسفة الإسلاميين تأول فيها غير هذا وأنه إنما يشربها للنفع لا للهو وعاهد الله على ذلك فكأنها عندهم من الأدوية أو غذاء صالح يصلح لحفظ الصحة,

ويحكى هذا العهد عن ابن سيناء :
ورأيت في بعض كلام الناس ممن عرف عنه أنه كان يستعين في سهره للعلم والتصنيف والنظر بالخمر فإذا رأى من نفسه كسلا أو فترة شرب منها قدر ما ينشطه وينفى عنه الكسل بل ذكروا فيها أن لها حرارة خاصة تفعل أفعالا كثيرة تطيب النفس وتصير الإنسان محبا للحكمة وتجعله حسن الحركة والذهن والمعرفة فإذا استعملها على الاعتدال عرف الأشياء وفهمها وتذكرها بعد النسيان فلهذا - والله أعلم - كان ابن سينا لا يترك استعمالها - على ما ذكر عنه - وهو كله ضلال مبين عياذا بالله من ذلك )اهـ ( الاعتصام للشاطبي )


قال ابن القيم يرحمه الله تعالى :


فاسمع إذا أنواعه هي خمسة *** قد حصلت أقسامها ببيا
توحيد أتباع ابن سينا وهو منــسوب *** لأرسطو من اليونان
ما للإله لديهـــم ماهيـــــــة *** غير الوجود المطلق الوجدان
مسلوب أوصاف الكمال جميعها *** لكون وجود حسب ليس بفان
ما أن له ذات سوى نفس الوجو د *** المطلق المسلوب كل معان
فلذاك لا ســـمع ولا بــصر ولا *** علم ولا قول من الرحمن
ولذاك قالوا ليس ثم مشيــئة *** وإرادة لوجود ذي الأكوان
بل تلك لازمة له بالذات لـم *** تنفك عنه قط في الأزمان

******** ********* *******
هذا المعاد وذلك المبدأ الذي *** جهم وقد نسبوه للقرآن
هذا الذي قاد ابن سينا والأولى *** قالوا مقالته إلى الكفران
( القصيدة النونية لإبن القيم )


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حين أبطل شبه وأباطيل المتكلمة والفلاسفة في مسمى القياس
و " ابن سينا " تكلم في أشياء من الإلهيات والنبوات والمعاد والشرائع لم يتكلم فيها سلفه ولا وصلت إليها عقولهم ولا بلغتها علومهم فإنه استفادها من المسلمين وإن كان إنما أخذ عن الملاحدة المنتسبين إلى المسلمين كالإسماعيلية .

وكان هو وأهل بيته وأتباعهم معروفين عند المسلمين بالإلحاد وأحسن ما يظهرون دين الرفض وهم في الباطن يبطنون الكفر المحض .

وقد صنف المسلمون في كشف أسرارهم وهتك أستارهم كتبا كبارا وصغارا وجاهدوهم باللسان واليد إذ كانوا بذلك أحق من اليهود والنصارى .

ولو لم يكن إلا كتاب " كشف الأسرار وهتك الأستار " للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب وكتاب عبد الجبار بن أحمد وكتاب أبي حامد الغزالي وكلام أبي إسحاق وكلام ابن فورك والقاضي أبي يعلى والشهرستاني .

وغير هذا مما يطول وصفه . والمقصود هنا أن ابن سينا أخبر عن نفسه أن أهل بيته وأباه وأخاه كانوا من هؤلاء الملاحدة وأنه إنما اشتغل بالفلسفة بسبب ذلك فإنه كان يسمعهم يذكرون العقل والنفس .

وهؤلاء المسلمون الذين ينتسب إليهم هم مع الإلحاد الظاهر والكفر الباطن أعلم بالله من سلفه الفلاسفة : كأرسطو وأتباعه ؛ فإن أولئك ليس عندهم من العلم بالله إلا ما عند عباد مشركي العرب ما هو خير منه .

وابن سينا لما عرف شيئا من دين المسلمين وكان قد تلقى ما تلقاه عن الملاحدة وعمن هو خير منهم من المعتزلة والرافضة أراد أن يجمع بين ما عرفه بعقله من هؤلاء وبين ما أخذه من سلفه .

ومما أحدثه مثل كلامه في النبوات وأسرار الآيات والمنامات ؛ بل وكلامه في بعض الطبيعيات وكلامه في واجب الوجود ونحو ذلك .

وإلا فأرسطو وأتباعه ليس في كلامهم ذكر واجب الوجود ولا شيء من الأحكام التي لواجب الوجود وإنما يذكرون " العلة الأولى " ويثبتونه من حيث هو علة غائية للحركة الفلكية يتحرك الفلك للتشبه به .

فابن سينا أصلح تلك الفلسفة الفاسدة بعض إصلاح حتى راجت على من يعرف دين الإسلام من الطلبة النظار .

وصار يظهر لهم بعض ما فيها من التناقض فيتكلم كل منهم بحسب ما عنده ؛ ولكن سلموا لهم أصولا فاسدة في المنطق والطبيعيات والإلهيات ولم يعرفوا ما دخل فيها من الباطل فصار ذلك سببا إلى ضلالهم في مطالب عالية إيمانية ومقاصد سامية قرآنية خرجوا بها عن حقيقة العلم والإيمان وصاروا بها في كثير من ذلك لا يسمعون ولا يعقلون بل يسفسطون في العقليات ويقرمطون في السمعيات .

والمقصود هنا التنبيه على أنه لو قدر أن النفس تكمل بمجرد العلم .

كما زعموه مع أنه قول باطل فإن النفس لها قوتان : قوة علمية نظرية وقوة إرادية عملية فلا بد لها من كمال القوتين بمعرفة الله وعبادته وعبادته تجمع محبته والذل له فلا تكمل نفس قط إلا بعبادة الله وحده لا شريك له .

والعبادة تجمع معرفته ومحبته والعبودية له ؛ وبهذا بعث الله الرسل وأنزل الكتب الإلهية كلها تدعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له .

وهؤلاء يجعلون العبادات التي أمرت بها الرسل ؛ مقصودها إصلاح أخلاق النفس لتستعد للعلم الذي زعموا أنه كمال النفس أو مقصودها إصلاح المنزل والمدينة وهو الحكمة العملية ؛ فيجعلون العبادات وسائل محضة إلى ما يدعونه من العلم ؛ ولذلك يرون هذا ساقطا عمن حصل المقصود كما تفعل الملاحدة الإسماعيلية ومن دخل في الإلحاد أو بعضه وانتسب إلى الصوفية أو المتكلمين أو الشيعة أو غيرهم .

والمقصود هنا الكلام على برهانهم فقط وإنما ذكرنا بعض ما لزمهم بسبب أصولهم الفاسدة .
وما يذكرون من اقتران المعلول بعلته فإذا أريد بالعلة ما يكون مبدعا للمعلول فهذا باطل بصريح العقل . ولهذا تقر بذلك جميع الفطر السليمة التي لم تفسد بالتقليد الباطل .

ولما كان هذا مستقرا في الفطر كان نفس الإقرار بأنه خالق كل شيء موجبا لأن يكون كل ما سواه محدثا مسبوقا بالعدم وإن قدر دوام الخالقية لمخلوق بعد مخلوق فهذا لا ينافي أن يكون خالقا لكل شيء وما سواه محدث مسبوق بالعدم ليس معه شيء سواه قديم بقدمه ؛ بل ذلك أعظم في الكمال والجود والإفضال .

وأما إذا أريد بالعلة ما ليس كذلك . كما يمثلون به من حركة الخاتم بحركة اليد وحصول الشعاع عن الشمس فليس هذا من باب الفاعل في شيء بل هو من باب المشروط والشرط قد يقارن المشروط وأما الفاعل فيمتنع أن يقارنه مفعوله المعين وإن لم يمتنع أن يكون فاعلا لشيء بعد شيء فقدم نوع الفعل كقدم نوع الحركة .
وذلك لا ينافي حدوث كل جزء من أجزائها ؛ بل يستلزمه لامتناع قدم شيء منها بعينه .
وهذا مما عليه جماهير العقلاء من جميع الأمم حتى أرسطو وأتباعه فإنهم وإن قالوا : بقدم العالم فهم لم يثبتو له مبدعا ولا علة فاعلية ؛ بل علة غائية يتحرك الفلك للتشبه بها لأن حركة الفلك إرادية .
وهذا القول وهو أن الأول ليس مبدعا للعالم وإنما هو علة غائية للتشبه به وإن كان في غاية الجهل والكفر فالمقصود أنهم وافقوا سائر العقلاء في أن الممكن المعلول لا يكون قديما بقدم علته كما يقول ذلك ابن سينا وموافقوه ؛ ولهذا أنكر هذا القول ابن رشد وأمثاله من الفلاسفة الذين اتبعوا طريقة أرسطو وسائر العقلاء في ذلك وبينوا أن ما ذكره ابن سينا مما خالف به سلفه وجماهير العقلاء وكان قصده أن يركب مذهبا من مذاهب المتكلمين ومذهب سلفه فيجعل الموجود الممكن معلول الواجب .
مع كونه أزليا قديما بقدمه . واتبعه على إمكان ذلك أتباعه في ذلك كالسهروردي الحلبي والرازي والآمدي والطوسي وغيرهم .

وزعم الرازي فيما ذكره في محصله أن القول بكون المفعول المعلول يكون قديما للموجب بالذات مما اتفق عليه الفلاسفة المتقدمون الذين نقلت إلينا أقوالهم كأرسطو وأمثاله .
إنما قاله ابن سينا وأمثاله . والمتكلمون إذ قالوا : بقدم ما يقوم بالقديم من الصفات ونحوها فلا يقولون إنها مفعولة ولا معلولة لعلة فاعلة ؛ بل الذات القديمة هي الموصوفة بتلك الصفات عندهم فصفاتها من لوازمها يمتنع تحقق كون الواجب واجبا قديما إلا بصفاته اللازمة له كما قد بسط في موضعه .
ويمتنع عندهم قدم ممكن يقبل الوجود والعدم مع قطع النظر عن فاعله . وكذلك أساطين الفلاسفة يمتنع عندهم قديم يقبل العدم ويمتنع أن يكون الممكن لم يزل واجبا سواء قيل إنه واجب بنفسه أو بغيره .
ولكن ما ذكره ابن سينا وأمثاله في أن الممكن قد يكون قديما واجبا بغيره أزليا أبديا - كما يقولونه في الفلك هو الذي فتح عليهم في " الإمكان " -
من الأسئلة القادحة في قولهم ما لا يمكنهم أن يجيبوا عنه كما بسط في موضعه .
فإن هذا ليس موضع تقرير هذا ؛ ولكن نبهنا به على أن برهانهم القياسي لا يفيد أمورا كلية واجبة البقاء في الممكنات .
وأما واجب الوجود - تبارك وتعالى - فالقياس لا يدل على ما يختص به وإنما يدل على أمر مشترك كلي بينه وبين غيره .
إذ كان مدلول القياس الشمولي عندهم ليس إلا أمورا كلية مشتركة وتلك لا تختص بواجب الوجود - رب العالمين سبحانه وتعالى - فلم يعرفوا ببرهانهم شيئا من الأمور التي يجب دوامها لا من الواجب ولا من الممكنات .
وإذا كانت النفس إنما تكمل بالعلم الذي يبقى ببقاء معلومه . لم يستفيدوا ببرهانهم ما تكمل به النفس من العلم ؛ فضلا عن أن يقال : إن ما تكمل به النفس من العلم لا يحصل إلا ببرهانهم ؛ ولهذا كانت طريقة الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه الاستدلال على الرب تعالى بذكر آياته .
فابن سينا لما تميز عن أولئك ؛ بمزيد علم وعقل ؛ سلك طريقهم المنطقي في تقرير ذلك .
وصار سالكوا هذه الطريق وإن كانوا أعلم من سلفهم وأكمل فهم أضل من اليهود والنصارى وأجهل إذ كان أولئك حصل لهم من الإيمان بواجب الوجود وصفاته ما لم يحصل لهؤلاء الضلال لما في صدورهم من الكبر والخيال وهم من أتباع فرعون وأمثاله ولهذا تجدهم لموسى ومن معه من أهل الملل والشرائع متنقصين أو معادين .

قال الله تعالى : ﴿ الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ﴾ وقال تعالى : ﴿ كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار ﴾ وقال :﴿ فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن ﴾ أهـ مجموع فتاوى ابن تيمية - ج 9


فى كتاب ( تلبيس إبليس ) للإمام أبي الفرج عبد الرحمن الجوزي ، الذى فيه من فوائد وتبيين لطرائق أهل الأهواء والبدع ، وتبيين طرق إبليس في التلبيس على العباد

يقول محقق الكتاب تعريفاً للشخصية التي أوردها الإمام إبن الجوزي في أصل كتابه :
أبو علي ، الحسين بن عبد الله بن سينا ، شرف الملك ، من أشهر الأطباء والفلاسفة المسلمين ، له تصانيف كثيرة ، توفي سنة 428هـ . أهـ صــ47ـــ .
نعم هو إبن سينا ، وما شدّني في تعريفه الموجز هو عدّ المحقق ذلك الهالك من المسلمين ، وللفائدة والتبيين أحببت هنا أن أضع بين يدي القارئ الكريم ما قيل حول إبن سينا ومعتقداته :
قال الإمام الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء :
وقد كفّره الغزالي في كتاب المنقذ من الضلال وكفّر الفارابي . أهـ
وفي ميزان الإعتدال قال : ما أعلمه روى شيئاً من العلم ولو روى لما حلّت الرواية عنه لأنه فلسفي النحلة ضال . أهـ

وفي اللسان لإبن حجر ، نقل الحافظ عبارة الذهبي وجاء آخرها :لا رضي الله عنه . أهـ وذكر إبن كثير رحمه الله في البداية والنهاية : ذكر الغزالي رد على إبن سينا في تهافت الفلاسفة في عشرين مجلساً له كفره في ثلاث منها وهي :
1ــ قدم العالم
2ــ عدم المعاد الجثماني
3ــ أن الله لا يعلم الجزئيات .

وبدّعه في البواقي . أهـ
أما شيخ الإسلام صادق اللهجة إبن تيمية عدّه من ملاحدة الفلاسفة لأن إبن سينا سار على نهج أهل الوهم والتخييل وهم يقولون أن الأنبياء قصدوا إفهام الجمهور بالكذب والباطل للمصلحة ، وعلى هذا القانون سار إبن سينا وألّف رسالته ( الأضحوية ) . أهـ درء تعارض العقل والنقل

وفي الإستقامة قال : وهو من الصابئة الذين خلطوا بها من الحنيفية ما خلطوا . أهـ
وقال الإمام إبن القيم في إغاثة اللهفان :فالرجل معطل مشرك جاحد للنبوات والمعاد لا مبدأ عنده ولا معاد ولا رسول ولا كتاب . أهـ
وقال : وكان إبن سينا كما أخبر عن نفسه قال : أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم .

فكان من القرامطة الباطنية الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد ولا رب خالق ولا رسول مبعوث جاء من عند الله تعالى . أهـ

وقال رحمه الله : هو إمام الملحدين إبن سينا ،

وقال أيضاً : وبالجملة فكان هذا الملحد هو وأتباعه من الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر . أهـ
وقد سئل الإمام إبن الصلاح عن جماعة من المسلمين المنتسبين لأهل العلم والتصوف : هل يجوز لهم أن يشتغلوا بتصنيف إبن سينا وأن يطالعوا في كتبه وهل يجوز أن يعتقدوا أنه كان من العلماء أم لا ؟

فأجاب رحمه الله : لا يجوز لهم ذلك ومن فعل ذلك غرر بدينه وتعرض للفتنة العظمى ولم يكن من العلماء ، بل كان شيطاناً من شياطين الإنس وكان حيراناً في كثير من أمره وينشد كثيراً : إن كنت أدري فعلى بدنه *** من كثرة التخليط أني من أنه
 قال الإمام ابن القيم في (النونية) :
فصل في كلام الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله:

وأتى ابن سينا القرمطي مصانعا*** للمسلمين بإفك ذي بهتان
فرآه فيضا فاض من عقل هو الـ*** ـفعال علة هذه الأكوان
حتى تلقاه زكي فاضل*** حسن التخيل جيد التبيان
فأتى به للعالمين خطابة*** ومواعظا عريت عن البرهان
ما صرحت أخباره بالحق بل*** رمزت إليه إشارة لمعان
وخطاب هذا الخلق والجمهور بالحـ***ـق الصريح فغير ذي إمكان
لا يقبلون حقائق المعقول إ***لا في مثال الحس والأعيان
ومشارب العقلاء لا يردونها*** إلا إذا وضعت لهم بأوان
من جنس ما ألفت طباعهم من الـ***ـمحسوس في ذا العالم الجثمان
فأتوا بتشبيه وتمثيل وتجـ ... ـسيم وتخييل إلى الأذهان
ولذاك يحرم عندهم تأويله ... لكنه حل لذي العرفان
فإذا تأولناه كان جناية ... منا وخرق سياج ذا البستان
لكن حقيقة قولهم أن قد أتوا ... بالكذب عند مصالح الإنسان
والفيلسوف وذا الرسول لديهم ... متفاوتان وما هما عدلان
أما الرسول ففيلسوف عوامهم ... والفيلسوف نبي ذي البرهان
والحق عندهم ففيما قاله ... أتباع صاحب منطق اليونان

قال العلامة العثيمين في تعليقه على (النونية) :

((بسم الله الرحمن الرحيم ،هذه القطعة حكى فيها المؤلف -رحمه الله- قول الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله، الفلاسفة جمع فيلسوف ، وهو كلمة يونانية مأخوذة من [فَيل] و [سوف] وفيل بمعنى: محب، وسوف بمعنى: الحكمة أي : محب الحكمة ، هذا الفيلسوف عندهم.
أما القرامطة فهم أتباع القرمطي المشهور بالإلحاد.
هؤلاء يقولون : إن كلام الله -عز وجل- هو فيض يَفيضه العقل الفعال ، والعقل الفعال عندهم هو : علّة الموجودات كلها ، لأنهم لا يقرّون بالخالق ، يقولون: هذه الموجودات لها علّة فاعلة ، علّة معقولة ، لا محسوسة ؛ هذه العلة فاض منها فيض على نفسٍ زكية قابلة لهذا الفيض ، فانطبع هذا الفائض من العقل الفعال في قلب هذا الرجل الزكي ، وإنما قالوا هذا -يقول ابن القيم- مصانعة للمسلمين ، لأنهم يدّعون الإسلام ، وليسوا كذلك ؛ وقد صرح شيخ الإسلام وابن القيم بأن ابن سينا كافر ، ليس من المسلمين ، وإن كان مقدساً عند القوميين العرب وأشباههم مما لا يقيمون للدين وزناً ، ولا للعقيدة اعتباراً ، فهو عندهم مقدس ، حتى إنهم قد يُسمّون بعض المدارس باسم هذا الرجل ابن سيناء مع أنه كافر!! والكافر لا يجوز أن يُنوه باسمه إطلاقاً ، بل يدفن ويقبر ، و إذا كان له من دعاية أو نشر كتب مضلّة فيذكر على سبيل الذم لا على سبيل المدح.
اسمع ما يقول مصانعة للمسلمين:
يقول:
فرآه فيضا فاض من عقل هو الـ*** ـفعال علة هذه الأكوان
العقل الفعال الذي هو علّة هذه الأكوان:
يعني العلة التي بها حدثت الأكوان ، وليس هناك رب -والعياذ بالله- بل هذه الأكوان حدثت بعلّة.
حتى تلقاه زكي فاضل*** حسن التخيل جيد التبيان
يعني به: الرسول ، النبي ، تلقى هذا الفيض ، زكي فاضل ، صفي العقيدة ، حسن التخيل ، جيد التبيان ، يستطيع أن يعبر ببيان جيد فيقول: هذا الكلام رب العالمين.
فأتى به للعالمين خطابة*** ومواعظا عريت عن البرهان
ما لها برهان ولا أصل إلا هذا الفيض الذي فاض من هذا العقل ، كما يدعون.
ثم قال:
ما صرحت أخباره بالحق بل** رمزت إليه إشارة لمعان.
قال أيضاً : هذا الكلام الذي أتى به هذا الزكي لا يريد بالقرآن ظاهره ، بل المراد به إشارات خفية يعجز عنها عامة الناس ، و لا يعرفها إلا الخواص منهم.
يقول:
خطاب هذا الخلق والجمهور بالحـ***ـق الصريح فغير ذي إمكان.
يقول: لو أنهم خوطبوا ، وأُريد بالخطاب صريح ما يدل عليه ، فإن هذا ممتنع ، لماذا؟
قال لأنهم:
لا يقبلون حقائق المعقول إ***لا في مثال الحس والأعيان
يقول: هذا القرآن الذي فاضه العقل على نفس هذا الزكي ، هذا له معاني ظاهرة ، ومعاني باطنة مشار إليها إشارة ، لا يفهمها الخلق والعوام ، لأن الخلق والعوام هؤلاء لا يفهمون إلا الشيء المحسوس ، أما الشيء المعقول فإنهم لا يدركونه ، ومحال أن يدركوه ، فالعوام لا يفهمون إلا المحسوس ، ولهذا قال:
لا يقبلون حقائق المعقول إلا في مثال الحس والأعيان ، يعني إلا إذا جُعل على صورة شيء محسوس ومعاين ، فالجنة والنار ، وما فيهما من عذاب ونعيم ،كل هذا ليس هو المراد ، غير مراد هذا ، لكن صوّر للعامة بصورة المحسوس من أجل أن يقبلوه ويفهموه ، المراد بالجنة وما أشبه ذلك شيء آخر ، كل هذا تخييل وليس بحقيقة .
ومشارب العقلاء لا يردونها... من الذين لا يردونها؟
عامة الخلق ، مشارب العقلاء لا يردونها؛لأن مشارب العقلاء لمن؟ للعقلاء ، أما العامة الهمج الرعاع فهؤلاء لا يمكن أن يردوا هذا ، فتضرب لهم الأمثال المحسوسة رمزا إلى أمور معقولة ..
إلا إذا وضعت لهم بأوان....
سبحان الله ! تمثيل عجيب ، يعني ما يستطيع أن يشرب من الحوض والنهر ، لكن إذا جئت له بماء في آنية استطاع ، فيقول: إن المعقولات التي ترمز إليها هذه الكلمات ، هذه لا يَرِدُها العوام ، إنما يَرِد العوام الأشياء المحسوسة التي يدركونها بحسِّهم.
من جنس ما ألفت طباعهم من الـ**ـمحسوس في ذا العالم الجثمان
فأتوا بتشبيه وتمثيل وتجـ ... ـسيم وتخييل إلى الأذهان
يعني أن هذا الذي جاءت به الرسل من كلام الله ، ما هو إلا شيء تخييل للأذهان من أجل تقريبه على العامة ، وإلا فحقيقته غير ما يدل عليه اللفظ .
قال:
ولذاك يحرم عندهم تأويله ...يعني لا يجوز أن يفسر للعامة بالمعاني المعقولة المرادة! لماذا؟!
لأن العامة لا يستطيعون أن يفهموا هذا ، ولا يقبلون إلا ما شهد به الحس ،.
لكنه حل لذي العرفان ..
من ذو العرفان؟!
علماؤهم الفلاسفة ، هؤلاء فسره لهم بالمعنى المراد ، أما العامة لا ،
نأتي بمثال:
الحج هو: قصد مكة لأداء المناسك،هم قالوا: لا ؛ الحج أن تقصد المشايخ الأولياء ، تطلب منهم المغفرة ، ومسحةٍ يمسحونك بها تكون سعيداً إلى يوم القيامة ، هذا الحج .
الصيام: التعبد لله بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
قالوا : لا ! ليس هذا الصيام ، الصيام: أن تكتم أسرارنا ولا تخبر بما وراءنا ، لأن الصيام مشتق من الإمساك ! أمسك : أسكت لا تعلّم نريد أن نملي عليك كل شيء من البلايا ، ولكن صم ، صم يعني رمضان أم..؟
صم عن هذا الكلام لا تخبر به أحد .
طيب الصلاة هي: عبادة ذات ركوع وسجود مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم ، هذي الصلاة عند المسلمين ؛
قالوا : لا الصلاة أن تعرف أسرارنا ، لأن الصلاة من الصلة ، فهي أن تكون ذا صلة بنا ، وتعلم أسرارنا ، فالصلاة بداية ! والصيام نهاية !
صل يعني: تعلم أسرارنا ، صم : يعني اكتمها ، هذي الصلاة والصيام عندهم ؛ يا جماعة ! : الصلاة والصيام معروف عند المسلمين ، قال: لا هذا إسلام العامة ، أما نحن فإن الكلمات عندنا رموز لمعاني لا يفهمها العامة!.
يقول :
فإذا تأولناه كان جناية ... منا وخرقَ سياج ذا البستان
يعني لو تأولناه عند العامة كان هذا جناية ؛ لأن من شروط التنسك عندهم أن تكتم أسرارهم ، ولهذا العبادة عندهم على مراحل ، أظن عشر مراحل ، ينزلها الإنسان مرحلة مرحلة حتى يصل إلى الغاية.
ثم قال:
لكن حقيقة قولهم أن قد أتوا ... بالكذب عند مصالح الإنسان
يعني قيل لهم: إذا كان الأمر كما قلتم ، فما تقولون في ما جاءت به الرسل؟! الرسل جاءوا للناس ، وقالوا : هذي الصلاة وهذي الصيام وهذا الحج ، وقالوا: هناك جنة ونار ، وعذابٌ ونعيم ؛
قالوا : هذا كذبٌ ، كلّه كذب ، ما فيه جنة ولا نار ولا نعيم ولا عذاب ولا شيء أبدا ، لكن هذا كذب ، كذب به الرسل من أجل المصلحة! ، أعوذ بالله ، كذب للمصلحة؟!!
قالوا : نعم ، لأن الناس إذا قيل لهم: افعلوا كذا ، قد لا يستجيبون ، إذا قيل: لا تفعلوا كذا ، قد لا ينتهون ؛ لكن إذا قيل لهم :
إن فعلتم كذا أسكناكم جنة فيها من النعيم المقيم ما لا يخطر على البال ، وش يفعلون ؟ يفعلون أم لا ؟ يفعلون.
إذا قيل لهم : إن خالفتم أسكناكم نارا فيها من العذاب كذا وكذا ينتهون ، فالرسل كذبوا من أجل المصلحة! من أجل المصلحة!
كما تقول للصبي : افعل هذا أعطيك حلاوة ، ولا تفعل هذا فأكويك بالجمرة ، وِش يقول الصبي؟!
يفعل الأول ، ولا يفعل الثاني ، مع أنه ما هو بمعطيه حلاوة ، ولا هو كاويه بالجمرة !، فهذا -والعياذ بالله- هذا رأيهم في الرسل : كذبوا عند مصالح الإنسان!.
قال:
والفيلسوف وذا الرسول لديهم ... متفاوتان وما هما عِدلان
الفيلسوف و الرسول متفاوتان ، بينهما فرق عظيم وما هما
عدلان ،
أما الرسول- هذا الفرق-
أما الرسول ففيلسوف عوامهم ... والفيلسوف نبي ذي البرهان
أعوذ بالله ، يقولون : الرسل هؤلاء رسل العوام ، رسل العوام! ، أما الفيلسوف الذي هو فيلسوف عندهم ، فهو نبي ذي البرهان !!
هذا النبي الحقيقي ، أما ذاك فهو رسول العوام ، هل تريدون أيها الأخوة أكفر من هذا ؟!! أبداً] هذا أكفر من كفر اليهود والنصارىلاشك ، إذا كانوا يقولون:
الرسل : محمد -عليه الصلاة والسلام- ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، هؤلاء رسل عوام كذابين ما صدقوا ، والفلاسفة عندنا هم الأنبياء ، هم الذين يتلقون من العقل الفعال ! ، ويأتون بما فيه الخير.
قال:
والحق عندهم ففيما قاله ... أتباع صاحب منطق اليونان
يعني : لا في ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-..))اهـ.
[/color

الشيخ الراجحي:

ابن سينا من الفلاسفة المتأخرين، ويسمونه المعلم الثالث، والمعلم الأول: أرسطو والمعلم الثاني: الفارابي والمعلم الثالث: ابن سينا وأرسطو هو أول من ابتدع القول بقدم العالم، وأن العالم قديم، وخالف الفلاسفة الذين قبله، وكان الفلاسفة قبل أرسطو يعظمون الشرائع والإلهيات، ويثبتون وجود الله، وأن الله فوق العرش، والعالم حادث خلقه الله، ومنهم أفلاطون شيخ أرسطو فلما جاء أرسطو ابتدع القول بأن العالم قديم، يعني: قديم كقدم الله، لم يخلقه الله بمشيئته، وقدرته، ولم يثبت وجودًا لله إلا من جهة كونه مبدأ عقليًا للكثرة، وعلة غائية لحركة الفلك فقط.

يقول: مبدأ الكثرة هو الله، وهو الذي يحرك الفلك، وهو -أي أرسطو- أول من وضع علم المنطق - حروف المنطق - ثم جاء الفارابي وتوسع في علم المنطق، وصاروا يسمونه المعلم الأول، وهو لم يثبت وجودا لله، ولا للملائكة ولا للكتب، ولا للرسل، ولا لليوم الآخر، وللقدر.

ملاحدة، ثم جاء أبو علي بن سينا يسمونه المعلم الثالث، فحاول أن يجمع بين الفلسفة والإسلام، وأن يقرب الإسلام من الفلسفة، لكن محاولته الشديدة لم تصل إلى ما وصلت إليه الجهمية الغالية في التجهم، فالجهمية أحسن منه، وأصح مذهبًا من مذهب ابن سينا مع أن الجهمية الغالية في التجهم ما يثبتون شيئًا لا الصفات ولا الأسماء.

فلما جاء ابن سينا من محاولته أثبت وجودين، قال: هناك وجودين: وجود واجب، ووجود ممكن، وجود واجب وهو وجود الله، ووجود ممكن وهو وجود المخلوق، لكن وجود الواجب ليس له اسم ولا صفة، ولا علم، ولا قدرة، ولا سمع، ولا خلق الخلق بقدرته، بل هو وجود مطلق في الذهن، هذا من محاولته التقريب إلى الإسلام.

أما الفارابي وأرسطو ما أثبتوا شيئا أبدا، ما أثبتوا وجودين، لكن هذا في محاولته التقريب، ثم الملائكة ما أثبت أنهم ملائكة بل أثبتهم على أنهم أشخاص، وأشكال نورانية، ليسوا ذوات، ولا تصعد وتنزل، لا بل هم أشكال نورانية، وإذا تقربوا إلى الإسلام قالوا: عبارة عن أمور معنوية، القوى العقلية التي تبعث على الخير.

والكتب قالوا: فيض؛ أي معنًى يفيض من العقل الفعال على الرجل العبقري، والرسول رجل عبقري، فيه صفات من توفرت فيه فهو نبي: قوة الإدراك، قوة التخيل والتخييل، وقوة التأثير.

وهذه الصفات ممكن يحصل عليها الإنسان بالمران والخبرة، ليست هبة من الله، بل هناك الفلسفة أعلى من النبوة، كثير من الفلاسفة لا يرضى بمرتبة النبوة، يقول: النبوة ليست منزلة عالية، بل هي منزلة هابطة، هناك شيء أعلى منها وهي الفلسفة، فالنبوة فلسفة العامة، والفلسفة نبوة الخاصة، ونبوة الخاصة أعلى من نبوة العامة، ولا يثبتون اليوم الآخر، ولا البعث، ولا النشور، ولا الجنة، ولا النار، ولا الشرائع، ولا الحلال ولا الحرام.

يقول: هذه الرسل أمثال مضروبة لتفهيم العوام، الرسول رجل عبقري يُفَهِّم الناس؛ يقول: هناك جنة ونار وبعث وحساب، حتى يتعايش الناس بسلام، وحتى لا يعتدي أحد على أحد، وإلا الواقع ليس فيه جنة، ولا نار، ولا بعث، ولا نشور، هذا مذهب ابن سينا يسميه ابن القيم إمام الملحدين كما في إغاثة اللهفان - الجزء الثاني، وله كتاب الإشارات كلها إلحاد وزندقة، والنصير الطوسي الذي تسبب في جلب التتار وسقوط بغداد أخذ كتاب الإشارات لابن سينا وأراد أن يلغي القرآن ويجعله بدل القرآن، فلما لم يوافقه الناس، قال: هذا كتاب الخواص كتاب الإشارات لابن سينا وهذا قرآن العوام، وحاول أن يختصر الصلوات الخمس إلى صلاتين، ويقول ابن سينا عن نفسه: أنا وأبي من دعوة الحاكم العبيدي - دعوة الحاكم العبيدي رافضي خبيث لا يؤمن بالله، ولا ملائكته ولا رسله، ولا باليوم الآخر، ولا بالقدر.

بعض الناس يغتر، يقول: ابن سينا فيلسوف الإسلام، يعتز به، وسمى باسمه مدارس، ومؤلفات. صحيح هو طبيب لا بأس، له كتاب القانون لا بأس إذا سمي طب أو صيدلة، لكن ما ينبغي أن يسمى باسم الملحد هذا، فهو ملحد ليس من الإسلام في شيء، لكن بعض الناس، وبعض الأدباء، وبعض المذيعين في بعض الإذاعات ما يعرفون حاله، فيغترون به، يقولون: فلاسفة الإسلام الفارابي وابن سينا نعتز بهم، هؤلاء ملاحدة زنادقة، ليسوا من الإسلام في شيء، أما كونه رجع ما نعلم، لكن كتبه ومؤلفاته في إنكار البعث، ويقول: إن البعث للأرواح، وكتبه موجودة - ككتاب النجاة.

أما كونه رجع فيحتاج إلى دليل، إذا وُجد وثبت أنه رجع وعُرف تاريخه أنه رجع نعم، هذه احتمالات تحتاج إلى دليل، فهذه مؤلفاته الآن واعتقاداته، نسأل الله السلامة والعافية.


ليست هناك تعليقات: