كتبه/ عبد المنعم الشحات*
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فبينما كنتُ في لقاء مع شباب الدعوة السلفية الجامعيين، سُئلت عن موقف الدعوة من مرشحي انتخابات الرئاسة القادمة، فأجبت: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) (القصص:26)، وأوضحتُ أن الأمانة المقصود بها الديانة بصفة عامة، والقوة في كل ولاية بحسبها، وبينتُ أننا نريد شخصًا عنده الديانة، وأبرز صور هذه الديانة: أن يكون مؤمنًا بالمرجعية الإسلامية، ومؤمنا بالهوية الإسلامية، وفي الوقت ذاته أن يكون لديه القوة على إدارة بلد بحجم مصر بما فيها من مشكلات، وثعابين، وسلطة تحتاج لهيكلة، وجهاز إداري به فساد، واقتصاد "واقع"، وعلاقات دولية وهيمنة "أمريكية - إسرائيلية"، وأطماع إيرانية شيعية...
وقد تكونون أنتم ترون المرشحين في وسائل الإعلام، لكن نحن نملك ما هو أغلى من ذلك، نملك أن نجلس مع كل مرشح 5 أو 6 ساعات، في استجوابات طويلة ومناقشات؛ لنعرف طريقة تفكيره، وهذا ما تم بالفعل، ونحن لسنا في عجلة لإعلان موقفنا؛ لأن قائمة المترشحين قابلة للزيادة.
والناس كانوا يقولون: المرشحون ثلاثة: الشيخ حازم، والدكتور العوا، والدكتور أبو الفتوح، ثم فوجئنا بالدكتور باسم خفاجي، وهو شخص لا يمكن أن نُغفله في المعادلة، فهو كان يدير مؤسسة مسئولة عن المسلمين في أمريكا الشمالية، وله أطروحات فكرية في قضية الساعة، وهي قضية "الهيمنة الغربية على الفكر الإسلامي"، فإذن أضيف مرشح رابع، وكل مرشح مِن هؤلاء الدعوة تجلس معه وتقيِّمه، وتقول مزاياه وعيوبه، وهناك تقرير عنه يُعرض على مجلس إدارة الدعوة، وننتظر...
فمَن قال: إن القائمة أغلقت؟!
فالإخوان يحاولون مع المستشار حسام الغرياني، ولو كانوا سيرشحون حسن نافعة أو أي أحد من هذا المعسكر؛ فلن يكون هناك أمل في التوافق معهم، لكن هذا الكلام كلام إعلامي حتى الآن، وهناك أمل في أن يرشحوا مرشحًا إسلاميًا، وسيكون هذا نقطة إيجابية كبيرة، حتى لو كان ترتيبه عندك الثالث أو الرابع، لكن الإخوان اختاروه، فمثلاً المستشار حسام الغرياني الإخوان يحاولون معه، وحاولوا مع المستشار طارق البشري ورفض.
فنحن مِن هنا نوضح أننا لم نستبعد أحدًا، ولم نؤيد أحدًا، وعندما يجدّ الجد ويُغلق باب الترشح، ونقول: نحن نؤيد فلانًا؛ نتمنى وقتها ألا نقول غير مميزات مَن اخترناه، ولا نضطر أن نقول عيوب الآخرين، لكن عمومًا ليس هناك إنسان سالم من العيوب، وبعض المرشحين عيوبهم بارزة جدًا، وطبعًا الصف الإسلامي عمومًا -والصف السلفي خصوصًا- عينه أكثر على العيوب المنهجية، ولكن لا نغفل الأمرين معًا، فلا بد من القدرة على الإدارة، والحنكة، والحكمة في اتخاذ القرار، عدم التسرع، قياس عواقب الأمور.
نحن الآن نجلس مع جميع المرشحين ولا ألامُ إذا قلتُ: إن هذه الجلسات أثمرت رؤية عند مَن قلنا له: إننا نأخذ عليك التهور.
وأثمرت تحفظًا على الشيعة مثلاً عند مَن قلنا له: نأخذ عليك انفتاحك على الشيعة.
أثمرت تحسنًا ما، لكن ما الذي يجبرنا أن نتخذ موقفًا لمجرد أن الناس متعجلة؟!
وهذه أمانة، إذن كما قلت لبعض الإعلاميين مِن قبل: القائمة لدينا أفقية، وليست رأسية. يعني لا تسألني مَن هو رقم واحد؟ ومن هو رقم أربعة؟ ولكن كل مرشح يُقيَّم بشكل منفرد؛ مزاياه وعيوبه، ولن نقول ترتيبًا إلا بعد أن يَثبتوا على 4 مرشحين فقط، فقد يزيدون إلى 5 أو 6 مرشحين، وهذا سيُعرف بعد غلق باب الترشح.
وأضيف: إن جزءًا من المرجحات لو كان مرشحًا يحقق الحد الأدنى في القوة والأمانة لدينا، ونحن والإخوان ممكن نتوافق عليه حتى نضمن فوزه؛ لأنه سيكون مرشحًا إسلاميًا -وهذا سيكون مرجحًا كبيرًا لو حدث-.
ولو لم يحدث التوافق، بمعنى: أن الإخوان حسموا اختياراتهم، فمثلاً النوعيات التي طُرحت ونُسبت إليهم -لأنه لم يتم التأكد من دعم الإخوان لأحد المرشحين؛ لأنها ترجيحات إعلام، والكلام غير ثابت-، مثل: ترشيحهم لحسن نافعة، ونبيل العربي، لكن نحن متأكدون من أنهم حاولوا مع المستشار طارق البشري، ولكنه رفض، ولو أن الإخوان يفكرون وعندهم قائمة أسماء مِن نوعية المستشار طارق البشري لا مانع من التوافق على واحد منها، وبذلك نخرج من مسألة أن الصوت الإسلامي يمكن أن يتفتت.
إذن لماذا تريدني الآن أن أفتت الصوت الإسلامي، وأعلن مسبقًا تأييدي لمرشح معين، وجائز أن الإخوان لن يؤيدوه، وبذلك ستصبح فرص نجاحه في خطر كبير؛ لأنك ستعطيه الصوت السلفي بالإضافة إلى صوت مَن يمن عليه الله من أصوات العامة، وهناك معسكر إسلامي آخر وراءه كتلة تصويتية ستعطي أصواتها لمرشح آخر؛ فلماذا؟!
إذن ننتظر...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشرت بجريدة "الفتح" بتاريخ الجمعة 16 ربيع الآخر 1433هـ - 9 مارس 2012م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق