الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

يا مصر متى نقول رضينا بالله وكفرنا بالديمقراطية والدستور؟

ويا مصر متى نقول
رضينا بالله وكفرنا بالديمقراطية والدستور؟
رحاب بنت محمد حسان

في بداية خلافة أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه كان عليه هو معاوية رضي الله عنه اتخاذ قرارا صعبا وحاسما بين خيارين لا ثالث لهما ,
الخيار الأول : تعجيل القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه الخليفة الشهيد
الخيار الثاني : ان يتولي عليا رضي الله عنه زمام الحكم أولا وأخذ البيعة من المسلمين ومن ثم استتاب الأمن في البلاد ثم يقوم بعدها بالانتقال الى الخيار الاول وهو محاكمة البغاة , و تطبيق حكم القصاص ,
اذ رأى علي ٌرضي الله عنه انه يتعذر تطبيق الحكم في حالة من الفوضى وتواجد البغاة وسط جيوشه وهم ينادون جهرا " كلنا قتلة عثمان " كما انه لو فكر بردعهم سيخرج لكل زعيم منهم قبيلة كاملة تدافع عنه وتقاتل ضده لتشيع السفك والهدر للابرياء .

كان رأي معاوية رضي الله عنه هو الخيار الأول بما انه كان وليّ الدم ولغلبة رأي أهل الشام على ذلك وكان رأي علياً رضي الله عنه هو الخيار الثاني فتوليه الخلافة حتّم عليه الاحساس بالمسؤولية الشمولية للراعي تجاه كافة اطراف الدولة الاسلامية كما أن البغاة كانوا لا يزالون متغلغلين في الدولة الاسلامية بعمق وخاصة في الجناح العسكري منها .

وكان قول النبي صلى الله عليه وسلم أن عليا أقرب الطائفتين الى الحق ...

واقعيا ً:-

اذا نظرنا للواقع و علمنا ان زمام الأمور ليست الى الان في يد الرئيس مرسي وأن ما وراء الامور امور من فتن ومؤمرات خارجية ومحاولات للانقلاب و افتعال أزمات للدخول في حروب أهلية تعطيلا للمشروع الاسلامي داخليا وامتداده الخارجي خاصة في غزة وسوريا ؛ كذلك محاولات كبيرة لتقريب المشهد المصري من الحالة التونسية التي يزج فيها السلفيين للسجون على يد الاخوان او النموذج المُحرف في تركيا.
فأعتقد ان المشهد السابق يتشابه اليوم الى حد ما وعلينا اختيار احدى الخيارين اما تحكيم الشرع اولا أو الأخذ بمقاليد الحكم واستتباب الأمن والاستقرار ومن ثم يتسنى لنا تغيير الدستور .

ويتبقى أمران هامان في القول :

الأول هو مدى ثقتنا في الحاكم وتقديمه العهود الكافية بإن الفترة الانتقالية للاسلاميين لم تكن الفترة السابقة بل هي الفترة القادمة وان عليه ان يسعى جاهدا بعد الخروج من الأزمة الى تطبيق الشريعة خالصة صرفة فالدستور الحالي اعمى لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا .
والامر الثاني هو الحزبية و المذهبية والاولى اخطر من الثانية لأن مبناها على اساس شركي فنبتتها خبيثة و أصلها مقيت , زرعتها الايدي الغربية خصيصا لقتل المشروع الاسلامي وتناحر فئات البلد الواحد على طريقة فرق تسد .
و المطالبة بالشريعة في ظل الشعارات الحزبية هو نوع من الازدواجية ؛ ولابد اولا من التحرر تدريجيا من تلك الأفكار والشعارات والدعوة للاعتصام حول منهج واحد بمرجعية سياسية موحدة كما في الصدر الأول .
و المطالبة بتطبيق الشريعة تعد خطوة استباقية قبل القضاء على الحزبية والمشروع الديمقراطي في البلاد , فالله أعز وأجل من أن تطبق أحكامه على اساس من الديمقراطية او ان يأتي شرعه على اصول غير شرعية فما بني على باطل لا يأت بحق ابدا وان حالة الاحباط الموجودة الان ما هي الا نتيجة أولية لثمرة لم نبذرها جيدا ولم نسقها بماء صافي .
فالخطوة الأولى اذا نحو تطبيق الشريعة هي القضاء على المشروع الديمقراطي ومحاولة التغلب عليه وقد يأت ذلك ولو بانكاره في القلب وتجديد النية بالتوبة ثم باللسان وعلى كل منا دوره الحثيث في ذلك سواء بالسلاح الفكري او الدعوي او الاعلامي وكل في موطنه مجاهد

الدستور الجديد:

أما الدستور الجديد لن يعدو الا خطوة تكتيكية ومرحلية فلم يكن يوما هدفنا ولا مشروعنا ولم نطمح اليه الا انه كسائر الخطوات السابقة , فمنذ دخول الاسلامييون في العملية الديمقراطية ولا زلنا نسعى نحو الخيار الثاني وهو مطلب الأمن والاخذ بزمام الحكم .
اما المذهبية وهي الاخف ضررا فلابد من الدعوة الى عمل مواءمات للتقليل من حدة التعصب بين الجماعات المختلفة وهذه المواءمات تبدأ من الرأس الى القاعدة وبما اننا اعتدنا منذ بداية ثورة يناير على الجهد الفردي الذاتي فإنني ادعو كل شاب يؤمن بالله ورسوله أن يكون له غرسا وبصمة في احداث هذه المواءمات ورفع شعار المطالبة بدعوى الراية الموحدة و استهجان المشروع الديمقراطي الذي أدى لتعميق المذهبية حين فتح لها جناحها السياسي .

الشريعة عزيزة :

إن تطبيق الشريعة لن ينجز تحت قبة الأحزاب المتعددة ولا مع المساواة بين المعتقدات المتنافرة ولا بالتصويت على الثوابت كأنها نسبيات ومتغيرات .
اذا كنت تقدر الله حق قدرة فانك ستوقن ان قدره تبارك وتعالى أجل وأكمل و اعظم من طرق باب الغير للمطالبة بالحق فإن للحق والشرع شمم تأبى الا أن تنهض بنفسها وتكوِّن قوائم بذاتها ,لأنها كيان مستقل لا يمكن ان يكون عرضا او اضافة على الغير
فاعمل لها انت و تزود منها لعملك حتى يقضي الله امرا .
كتبته /رحاب حسان

ليست هناك تعليقات: