ما الذي يضمنُ لنا ان كتب الاحاديث كمسلم والبخاري لم يتناولها المحرفين ؟...
جزاك الله خيراً على جهدكم شيخنا الجليل ...
هذه الشبهة مع الأسف لها بين العلمانيين وبعض جهلة العوام صدىً شديد ..
وهي : ما الذي يضمنُ لنا أن الكتب التي تزعمون أنها كتب الأحاديث كالبخاري ومسلم والسنن الأربعة لم تتناولها أيدي المحرفِّين ودسّ فيها ما ليس منها على مر العصورِ والأزمان المتطاولة .... ؟!
الجواب
وجزاك الله خيرا
قائل هذه المقولة يجهل أو يتجاهل عِدّة أمور :
أولها : الجهود المذبولة لِحفظ السنة .
وثانيها : أن الله تكفّل بِحفظ السنة ، كما تكفّل بِحفظ القرآن .
وثالثها : أن السنة داخلة في عموم الذِّكْر ، وأنها وَحْي ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه ، وما وجدنا فيه حراما حرمناه ، وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه .
وفي رواية : ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه . رواه الإمام أحمد .
وقديما كُذِب على سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم ، وكان من أغراض الكذّابين تشويه الدِّين ، وتلبيسه على عامة المسلمين ..
فحفِظ الله دِينه ، وكشَفَ أمر الكذابين .
قيل لابن المبارك في هذه الأحاديث الموضوعة قال : يعيش لها الجهابذة .
وأما بخصوص كُتُب السنة ، كالصحيحين والسُّنَن والمسانيد وغيرها من دواوين الإسلام ، فإنها محفوظة ، والذي يضمن أنها لم يدخلها التحريف عِدّة أمور :
الأول : أن الله تكفّل بِحفظ السنة كما تكفّل بِحفظ القرآن .
والسنة وحي أوحاه الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى )
الثاني : أن تلك الكُتُب رُوِيَت بالأسانيد عن مؤلِّفِيها ، فكان كل إمام مُصنِّف له عِدّة رُواة ، فكانت تلك الكُتُب تُروى بالأسانيد ، كما كانت تُكتب وتبلغ الآفاق ، فلو تمّ تحريف بعض نُسَخ تلك الكُتب لكان من المستحيل أن تُحرّف كل نُسَخ الكِتاب في العالَم .
الثالث : أن تلك الكُتُب كانت تُحفَظ وتُدرَّس ، فلو افترضنا تحريف نُسخَة من تلك الكُتُب لكان الْحَفَظَة بالمرصَاد .
الرابع : أن العلماء كانوا يُميِّزون بين الصحيح والسقيم ، وكانوا يَنقُدُون المتون كما يَنقُدون الأسانيد .
فكانوا يُميِّزون بين ما هو اصيل وبين ما هو دَخِيل .
الخامس : أن أصول تلك الكُتُب موجودة في مكتبات مختلفة الأقطار ، ففي ألمانيا وفي فرنسا وفي بلاد المشرق والمغرب توجد آلاف المخطوطات التي تُثبت صحّة تلك الأصول .
ولو تمّت المطابقة بين مخطوط له ألف سنة أو أكثر لَما زاد حرفا عن تلك الكُتب التي بأيدينا .
السادس : أن تلك الكُتُب قد نُقِل أكثر أحاديثها في كُتُب الفقه والتفسير والأصول وغيرها ، بالإضافة إلى وُجود كُتب الشروخ لأغلب تلك الكُتب ، وأكثر نصوص تلك الكُتُب نُقلت أيضا في كُتب الشروح ، بل وضُبِطت نصوص تلك الكُتب وشُرِح غريبها ، في كُتب الشروح ، وفي كُتب غريب الحديث .
بالإضافة إلى الكُتب التي تم عملها على تلك الكُتب مما يُعرَف بـ " الْمُسْتَخْرَجَات " ، فقد اسْتُخرِجت نصوص الكُتب الأصلية في " الْمُسْتَخْرَجَات " بأسانيد لِصاحب الْمُسْتَخْرَج ، فكأن تلك " الْمُسْتَخْرَجَات " مُستودعات وخزائن لتلك الكُتب .
ومثلها مُخْتَصَرات تلك الكُتب ، والتي أبْقَت على مُتون تلك الكتب .
وكذلك الكتب التي جَمَعت بين بعض الكُتُب ، مثل : الجمع بين الصحيحين .
ومثلها الكُتب التي يَذكر أصحابها روايات الكُتب الأخرى ، مثل : الْمُجاميع والجوامع .
وعلى سبيل المثال : جامع الأصول لابن الأثير ، فقد جَمَع نصوص الكُتُب التي جَمعها مُبوّبة على الكُتب الفقهية .
ومثلها : شرح السنة للبغوي ، فإنه يذكر كثيرا بعد ذِكْر الحديث من أخرجه من أصحاب الكُتب خاصة إذا كان الحديث في الصحيحين .
وكذلك البغوي في السنن الكبرى ، فإنه يصنع مثل ذلك .
ومثلها الكُتب التي رتّبت بعض الكثتب على غير ترتيبها الأصلي ، فربما رُتّبت بعض الكُتب على المسانيد ، فيأتي من يُرتِّبها على الأبواب الفقهية . والعكس .
كل ذلك يؤكِّد أن الله تكفّل بِحفظ السنة ، كما تكفّل بِحفظ القرآن ، وأنه يستحيل تحريف نصوص الوحيين .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم حفظه الله.
جزاك الله خيراً على جهدكم شيخنا الجليل ...
هذه الشبهة مع الأسف لها بين العلمانيين وبعض جهلة العوام صدىً شديد ..
وهي : ما الذي يضمنُ لنا أن الكتب التي تزعمون أنها كتب الأحاديث كالبخاري ومسلم والسنن الأربعة لم تتناولها أيدي المحرفِّين ودسّ فيها ما ليس منها على مر العصورِ والأزمان المتطاولة .... ؟!
الجواب
وجزاك الله خيرا
قائل هذه المقولة يجهل أو يتجاهل عِدّة أمور :
أولها : الجهود المذبولة لِحفظ السنة .
وثانيها : أن الله تكفّل بِحفظ السنة ، كما تكفّل بِحفظ القرآن .
وثالثها : أن السنة داخلة في عموم الذِّكْر ، وأنها وَحْي ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه ، وما وجدنا فيه حراما حرمناه ، وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه .
وفي رواية : ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه . رواه الإمام أحمد .
وقديما كُذِب على سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم ، وكان من أغراض الكذّابين تشويه الدِّين ، وتلبيسه على عامة المسلمين ..
فحفِظ الله دِينه ، وكشَفَ أمر الكذابين .
قيل لابن المبارك في هذه الأحاديث الموضوعة قال : يعيش لها الجهابذة .
وأما بخصوص كُتُب السنة ، كالصحيحين والسُّنَن والمسانيد وغيرها من دواوين الإسلام ، فإنها محفوظة ، والذي يضمن أنها لم يدخلها التحريف عِدّة أمور :
الأول : أن الله تكفّل بِحفظ السنة كما تكفّل بِحفظ القرآن .
والسنة وحي أوحاه الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى )
الثاني : أن تلك الكُتُب رُوِيَت بالأسانيد عن مؤلِّفِيها ، فكان كل إمام مُصنِّف له عِدّة رُواة ، فكانت تلك الكُتُب تُروى بالأسانيد ، كما كانت تُكتب وتبلغ الآفاق ، فلو تمّ تحريف بعض نُسَخ تلك الكُتب لكان من المستحيل أن تُحرّف كل نُسَخ الكِتاب في العالَم .
الثالث : أن تلك الكُتُب كانت تُحفَظ وتُدرَّس ، فلو افترضنا تحريف نُسخَة من تلك الكُتُب لكان الْحَفَظَة بالمرصَاد .
الرابع : أن العلماء كانوا يُميِّزون بين الصحيح والسقيم ، وكانوا يَنقُدُون المتون كما يَنقُدون الأسانيد .
فكانوا يُميِّزون بين ما هو اصيل وبين ما هو دَخِيل .
الخامس : أن أصول تلك الكُتُب موجودة في مكتبات مختلفة الأقطار ، ففي ألمانيا وفي فرنسا وفي بلاد المشرق والمغرب توجد آلاف المخطوطات التي تُثبت صحّة تلك الأصول .
ولو تمّت المطابقة بين مخطوط له ألف سنة أو أكثر لَما زاد حرفا عن تلك الكُتب التي بأيدينا .
السادس : أن تلك الكُتُب قد نُقِل أكثر أحاديثها في كُتُب الفقه والتفسير والأصول وغيرها ، بالإضافة إلى وُجود كُتب الشروخ لأغلب تلك الكُتب ، وأكثر نصوص تلك الكُتُب نُقلت أيضا في كُتب الشروح ، بل وضُبِطت نصوص تلك الكُتب وشُرِح غريبها ، في كُتب الشروح ، وفي كُتب غريب الحديث .
بالإضافة إلى الكُتب التي تم عملها على تلك الكُتب مما يُعرَف بـ " الْمُسْتَخْرَجَات " ، فقد اسْتُخرِجت نصوص الكُتب الأصلية في " الْمُسْتَخْرَجَات " بأسانيد لِصاحب الْمُسْتَخْرَج ، فكأن تلك " الْمُسْتَخْرَجَات " مُستودعات وخزائن لتلك الكُتب .
ومثلها مُخْتَصَرات تلك الكُتب ، والتي أبْقَت على مُتون تلك الكتب .
وكذلك الكتب التي جَمَعت بين بعض الكُتُب ، مثل : الجمع بين الصحيحين .
ومثلها الكُتب التي يَذكر أصحابها روايات الكُتب الأخرى ، مثل : الْمُجاميع والجوامع .
وعلى سبيل المثال : جامع الأصول لابن الأثير ، فقد جَمَع نصوص الكُتُب التي جَمعها مُبوّبة على الكُتب الفقهية .
ومثلها : شرح السنة للبغوي ، فإنه يذكر كثيرا بعد ذِكْر الحديث من أخرجه من أصحاب الكُتب خاصة إذا كان الحديث في الصحيحين .
وكذلك البغوي في السنن الكبرى ، فإنه يصنع مثل ذلك .
ومثلها الكُتب التي رتّبت بعض الكثتب على غير ترتيبها الأصلي ، فربما رُتّبت بعض الكُتب على المسانيد ، فيأتي من يُرتِّبها على الأبواب الفقهية . والعكس .
كل ذلك يؤكِّد أن الله تكفّل بِحفظ السنة ، كما تكفّل بِحفظ القرآن ، وأنه يستحيل تحريف نصوص الوحيين .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم حفظه الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق