الثلاثاء، 19 فبراير 2013

هل كل الإفرازات التي تنزل من المرأة تستوجب الغسل؟!

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نرجو من فضيلتِكم أن تُفيدونا: هل كلُّ الإفرازات التي تنزلُ من المرأة تستوجبُ الغسل؟ مع العلم أنني أَسألُ عن فتاةٍ ليستْ مُتزوجةً، وهل هناك اختلافٌ إذا كنا نسير على المذهب المالكي في الفقه، وعملنا بالمذهب الآخر؟

جزاكم الله الجنة.


الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فليس كلُّ ما يَخرُج مِن فرج المرأةِ يوجب الغسل، إلَّا المنيَّ فقط، ويُعرف المني بأنه يكون دفقًا بلذة، ويُوجِب تحلُّلَ البدن وفتورَه بعد النزول؛ وقد ورد ما يدل على ذلك فيما رواه أحمد وأبو داود والنسائي، عن علي بن أبي طالب، قال: كنتُ رجلًا مذَّاءً، فجعلتُ أغتسل في الشتاء حتى تشقق ظهري، فذكرتُ ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو ذُكرَ له، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تفعل، إذا رأيت المذيَ فاغسل ذكَرك، وتوضأ وضوءك للصلاة، فإذا فضخت الماء فاغتسل))، و(الفضخ): التدفُّق، كما في القاموس، وهو: خروج المنيِّ بشدة، ولا يكون كذلك إلا إذا كان بشهوة.
وقد أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المرأة بالاغتسال إذا هي رأت الماء؛ كما جاء في "الصحيحين" عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالتْ: جاءت أم سُليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة غُسْلٌ إذا هي احتَلَمَتْ؟ قال: ((نعم، إذا رَأَتِ الماءَ)).
أما المذْيُ أو الإفرازاتُ - بجميع أنواعها - فلا تُوجِب الغُسل، وهو إجماعُ أهل العلم؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري".
وإنما يَجِبُ منها الوضوءُ عندَ إرادةِ الصلاةِ، وغَسل ما أصاب منها من البدن، ونَضْحُ ورشُّ ما أصاب من الثياب؛ والدليلُ عَلَى هذا: ما رواه البخاريُّ ومسلمٌ عن عليِّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه - قال: كنت رجلاً مذَّاءً، فأمرتُ رجلًا أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته، فسأل، فقال: ((تَوَضَّأْ واغسلْ ذَكَرَكَ))، وفي رواية لمسلم: ((يَغسِل ذَكَرَه ويتوضَّأُ))، وروى أحمد في المسند، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، عن سهل بن حنيف، قال: كنتُ ألْقَى من المذي شدةً، وكنتُ أُكثِر منه الاغتسال، فسألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: ((إنما يكفيك بأن تأخُذ كفًّا من ماءٍ، فتَنضَحَ بها من ثوبك، حيثُ تَرَى أنه أصابَهُ)).
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "المنيُّ والودْيُ والمذْيُ؛ فأمَّا المنيُّ ففيه الغُسل، وأما المذْيُ والودْيُ ففيهما الوُضوء، ويَغسِلُ ذَكَرَه"؛ أخرجه ابن أبي شيبة.
والمذْيُ: ماءٌ أبيضُ رقيقٌ لَزِجٌ، يَخرُجُ عند ثَوَرَانِ الشَّهوة، ولا يَعْقُبُه فتورٌ، بل لا يَشْعُر به المرءُ عندَ النُّزُولِ.
قال ابنُ قدامة في "المغني" متحدثًا عن أحكام المذي: "واختلفت الروايةُ في حُكمِه؛ فرُوِيَ أنه يُوجِبُ الوُضوءَ، وغَسْلَ الذَّكَر والأُنثيين؛ لِمَا رُوِيَ أن عليًّا... إلى أن قال: والرواية الثانية: لا يَجِبُ أكثرُ من الاستنجاءِ والوُضوءِ، رُوِيَ ذلك عن ابنِ عباسٍ، وهو قولُ أكثرِ أهلِ العلم، وظاهرُ كلامِ الخِرَقي، لِمَا رَوَى سهلُ بنُ حُنيفٍ"؛ اهـ.
وما ذكرناه من عدم إيجابِ الغُسلِ إلَّا بخُرُوج المني، هو مذهبُ جميعِ العُلماءِ بما فيهم المالكيةُ؛ كما في "مختصر خليل" وشروحِهِ، وغيرها من كتب السادة المالكية.

شبكة الألوكة / موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي

ليست هناك تعليقات: